Translate

Translate ترجم الصفحة لاي لغة تريد

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 فبراير 2024

ج2.المنتقى من منهاج الاعتدال/من الفصل الرابع المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي

 

ج2.المنتقى من منهاج الاعتدال/من الفصل الرابع

 المنتقى من منهاج الاعتدال   للذهبي

 الفصل الثالث الفصل الرابع الفصل الخامس 

الفصل الرابع

(في إمامة باقي الاثني عشر)

قال: "لنا في ذلك طرق. أحدها النص وقد توارثته الشيعة في البلاد خلفا عن سلف عن النبي ﷺ أنه قال للحسين: هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة قائمهم اسمه كاسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما".

والجواب هذا أولا كذب على الشيعة فإن هذا لم تقله إلا شرذمة من الشيعة وأكثرهم يكذّب به مثلنا، [والزيدية بأسرها تكذب هذا وهم أعقل الشيعة وأعلمهم وخيارهم،] والإسماعيلية يكذبون به. والشيعة نحو من سبعين فرقة. وإنما هذا من اختلاق المتأخرين، وضع لما مات الحسن بن علي العسكري، وتُكلم بغيبة ابنه محمد بعد موت الرسول ﷺ بمائتين وخمسين سنة. وعلماء السنة ونقلة الآثار الذين هم أضعاف أضعاف الشيعة يعلمون أن هذا كذب على الرسول قطعا ويباهلون على ذلك.

ثم [من شرط التواتر حصول من يقع به العلم من الطرفين والوسط. و]قبل موت الحسن العسكري لم يكن أحد يقول بإمامة المنتظر، وإنما كان المدعون يدعون النص على علي أو على ناس بعده. أما دعوى النص على الاثني عشر وهذا الخلف في الحجة المعدوم آخرهم فهذا لا نعرف أحدا قاله متقدما ولا نقله ناقل. فأين دعواك التواتر؟ بل المتواتر ما جاء في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. وقيل: إن أول ما ظهرت الشيعة الإمامية المدعية النص في أواخر أيام الخلفاء الراشدين، افترى ذلك عبد الله بن سبأ وطائفته. والذي علمناه من حال أهل البيت علما لا ريب فيه أنهم لم يكونوا يدعون أنهم منصوص عليهم كجعفر الصادق وأبيه وجده زين العابدين على بن الحسين وأبيه.

وأخرجا في الصحيحين عن جابر بن سمرة: سمع النبي ﷺ يقول: «لا يزال أمر الناس ماضيا عزيزا ما وليهم اثنا عشر رجلا» ثم تكلم بكلمة خفيت علي فسألت أبي عنها فقال: «كلهم من قريش» فلا يجوز أن يراد اثنا عشر الرافضة، فإن عند الرافضة أنه لم يقم أمر الأمة في مدة أحد من هؤلاء بل ما زال أمر الأمة فاسدا يتغلب عليه الظالمون بل الكافرون، وأهل الحق أذل من اليهود. وأيضا فعندهم أن ولاية المنتظر دائمة إلى آخر الدهر.

قال: "وعن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي كنيته كنيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوارا. فذلك هو المهدي".

فنقول: الأحاديث التي تحتج بها على خروج المهدي صحيحة رواها أحمد وأبو داود والترمذي. منها حديث ابن مسعود مرفوعا: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما» وأخرجه أبو داود والترمذي من حديث أم سلمة وفيه: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» ورواه أبو داود من طريق أبي سعيد وفيه: «يملك الأرض سبع سنين» وعن علي أنه نظر إلى الحسن فقال: "سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق يملأ الأرض قسطا" فاما حديث: "لا مهدي إلا عيسى ابن مريم" فضعيف، فلا يعارض هذه الأحاديث.

وفيها كما ترى أن اسمه محمد بن عبد الله؛ فهو رد على من يزعم أنه المنتظر محمد بن الحسن؛ ثم هو من ولد الحسن لا من ولد الحسين.

وادعت الباطنية أنه هو الذي بنى المهدية، وإنما هو دَعيّ، وهو من ولد ميمون القداح فادعوا أن ميمونا هذا هو ابن محمد بن إسماعيل بن جعفر الذي تنتمي إليه الإسماعيلية، وهم كفار ركبوا مذهبهم من مجوسية وفلسفة وصابئة. صنف جماعة في مخازيهم كابن الباقلاني والقاضي عبد الجبار والغزالي. وهذا محمد بن عبد الله بن تومرت البربري عمل له نسبا إلى الحسن بن علي وتلقب بالمهدي وادعى العصمة. وابن المنصور محمد بن عبد الله لقب بالمهدي للحديث. قال: "قد بينا أنه يجب في كل زمان إمام معصوم ولا معصوم غير هؤلاء إجماعا".

الجواب منع المقدمة الأولى كما مر. ثم لا إجماع في غيرهم. ثم نقول بالموجب: فهذا المعصوم الذي تدعونه في وقتنا هذا وله من أربعمائة وستين سنة وما ظهر له أثر، بل آحاد الولاة وقضاة البر أكثر تأثيرا منه، فأي منفعة للوجود بمثل هذا لو كان موجودا؟ كيف وهو معدوم؟ فأي لطف حصل لكم به وأي مصلحة نالت الأمم قديما وحديثا به؟ فما زال مفقودا عندكم ومعدوما عندنا ولا حصل به نفع أصلا.

==========

الفصل الخامس

(الرد على إبطاله خلافة أبي بكر وعمر وعثمان)

قال: "إن من تقدمه لم يكن إماما لوجوه".

قلنا: بل كانوا أئمة صالحين للإمامة، فتح الله بهم البلاد والأقاليم وكانوا خلفاء راشدين، وما خالف في هذا مسلم سواكم معشر الرافضة، وكانوا أحق بها وأهلها، نقطع بذلك ولا يمكن أن يعارض لا بدليل ظني ولا قطعي. أما القطعيات فلا يتناقض موجبها ومقتضاها. وأما الظنيات فلا تعارض قطعيا. [وجملة ذلك أن كل ما يورده القادح فلا يخلو عن أمرين: إما نقل لا نعلم صحته أو لا نعلم دلالته على بطلان إمامتهم؛ وأي المقدمتين لم يكن معلوما لم يصلح لمعارضة ما علم قطعا.] وإذا نفينا [الاعتراض على] إمامتهم بالقطع لم يلزمنا الجواب على الشبهة المفصلة، فإن بينا وجه فساد الشبهة كان زيادة علم وتأييدا للحق في النظر والمناظرة. قال: "فمنها قول أبي بكر إن لي شيطانا يعتريني فإن استقمت فأعينوني وإن زغت فقوموني. ومن شأن الإمام تكميل الرعية فكيف يطلب منهم الكمال".

قلنا المأثور أنه قال إن لي شيطانا يعتريني -يعني الغضب- فإذا اعتراني فاجتنبوني لا أوثر في أبشاركم. وقال: أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم. وهذا القول من أفضل ما مدح به، يخاف عند الغضب أن يعتدي على أحد. وفي الصحيح أن النبي ﷺ قال: «لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان» فأمر الحاكم باجتناب الحكم حال الغضب. والغضب يعتري بني آدم كلهم حتى قال سيد ولد آدم: «إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر» متفق عليه. ولمسلم أن رجلين دخلا على رسول الله ﷺ فأغضباه فلعنهما وسبهما، وذكر الحديث. فمن عصى أبا بكر وأحرجه جاز له تأديبه، كما أن من عصى عليا فأغضبه جاز له تأديبه. وفي الصحيح عن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن» قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: «وأنا إلا ألا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير» وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ بنحوه.

وقوله: فإن زغت فقوموني، من كمال عدله وتقواه وإنصافه. وقولك: "ومن شأن الإمام تكميل الرعية، فكيف يطلب منهم التكميل".

قلنا: لا نسلم؛ لا يكملهم ولا يكملونه، بل يتعاونون على البر والتقوى. وإنما التكميل من الله الغني بنفسه الذي لا يحتاج إلى أحد. وقد كان الرسول يشاور أصحابه ويعمل برأيهم. وقال: "ومنها قول عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه. وهذا يوجب الطعن".

قلنا: إنما لفظ عمر الذي في الصحيحين: بلغني أن قائلا منكم يقول: لو قد مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة فتمت، ألا وإنها كانت كذلك ولكن وقى الله شرها وليس منكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر.

فصل

قال: "وقوله تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين} أخبر تعالى أن عهد الإمامة لا يصل إلى الظالم، والظالم كافر لقوله تعالى: {والكافرون هم الظالمون} ولا شك أن الثلاثة كانوا كفارا يعبدون الأصنام إلى أن ظهر النبي ﷺ".

والجواب -أيها الرويفضي المغتر- من وجوه: أحدها أن الكفر الذي يعقبه الإيمان لم يبق على صاحبه منه ذم، فإن الإسلام يجب ما قبله وهذا معلوم بالاضطرار من الدين. وليس كل من ولد على الإسلام بأفضل ممن أسلم بنفسه، وإلا لزم أن يكون أفضل من الصحابة. وقد ثبت أن «خير الناس القرن» الأول الذين بعث فيهم الرسول، وسائرهم أسلموا بعد الكفر وهم أفضل بلا شك ممن ولد على الإسلام. ولهذا قال الأكثرون: يجوز على الله أن يبعث نبيا ممن آمن بالأنبياء قال تعالى: {فآمن له لوط} وقد قال شعيب: {قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها} ثم إنه إذ نُبئ رسول الله ﷺ لم يكن أحد من قريش مؤمنا لا كبيرا ولا صغيرا، وإذا قيل عن رجالهم إنهم يعبدون الأصنام فصبيانهم [كذلك علي وغيره]. فإن قيل: كفر الصبي لا يضره؛ قيل: ولا إيمان الصبي مثل إيمان الرجل، فالرجل يثبت له حكم الإيمان بعد الكفر وهو بالغ، والصبي يثبت له حكم الكفر والإيمان وهو دون البلوغ، والطفل بين أبويه الكافرين يجري عليه حكم الكفر في الدنيا بالإجماع، فإذا أسلم قبل البلوغ فهل يجري عليه حكم الإسلام قبل البلوغ على قولين للعلماء، بخلاف البالغ فإنه يصير مسلما إذا أسلم بالإجماع. ثم لا يمكن الجزم بأن عليا ما سجد لصنم. وكذا الزبير فإنه أسلم وهو مراهق. فمن أسلم بعد كفره واتقى وآمن لم يجز أن يسمى ظالما. فقوله تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين} أي ينال العادلَ دون الظالم. فإذا قدر أن شخصا كان ظالما ثم تاب وصار عادلا تناوله العهد وصار ممدوحا بآيات المدح لقوله: {إن الأبرار لفي نعيم} {إن المتقين في مقام أمين} فمن قال: "المسلم بعد إيمانه كافر" فهو كافر بإجماع الأمة.

قال: "ومن ذلك قول أبي بكر: أقيلوني فلست بخيركم. ولو كان إماما لم يجز له طلب الإقالة".

قلنا: أين صحة هذا وإلا فما كل منقول صحيح. فإن صح هذا عنه لم يجز معارضته بقولك: "لا يجوز له طلب الإقالة" إذ ذلك مجرد دعوى. قال: "وقال عند موته: ليتني كنت سألت رسول الله ﷺ هل للأنصار في هذا الأمر حق. وهذا يدل على شكه في صحة بيعة نفسه، مع أنه الذي دفع الأنصار يوم السقيفة".

قلنا: [أما قول النبي ﷺ: «الأئمة من قريش» فهو حق. و]من الذي يقول إن الصديق شك في هذا وفي صحة إمامته؟ ولكن ما نقلته كذب عليه. فإن المسألة عنده وعند الصحابة واضحة ظاهرة. وإن قدر أنه قاله ففيه فضيلة له لأنه لم يكن يعرف أن الأئمة من قريش فاجتهد فوافق اجتهاده النص، وفيه أنه ليس عنده نص من الرسول ﷺ بعلي. قال: "وقال عند موته: ليتني كنت تركت بيت فاطمة لم أكشفه، وليتني في سقيفة بني ساعدة كنت ضربت على يد أحد الرجلين فكان هو الأمير وكنت الوزير. وهذا يدل على إقدامه على بيت فاطمة عند اجتماع علي والزبير وغيرهما ويدل على أنه كان يرى الفضل لغيره".

قلنا: لا يُقبل القدح [إلا] إذا ثبت النقل. ونحن نعلم يقينا أن أبا بكر لم يقدم على علي والزبير بشيء من الأذى، بل ولا على سعد [بن عبادة] الذي مات ولم يبايعه. وغاية ما يقال إنه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي أمر بقسمته، ثم رأى أنه لو تركه لهم جاز. والجهلة يقولون إن الصحابة هدموا بيت فاطمة وضربوا بطنها حتى طرحت. أفيسوغ في عقل عاقل أن صفوة الأمة يفعلون هذا بابنة نبيهم لا لأمر؟ فلعن الله من وضع هذا ومن افتعل الرفض. قال: "وقال ﷺ: جهزوا جيش أسامة، وكرر ذلك وكان فيهم أبو بكر وعمر، ولم ينفذ عليا لأنه أراد منعهم من التوثب على الخلافة بعده فلم يقبلوا منه".

قلنا: أين صحة هذا؟ فمن احتج بالمنقول لا يسوغ له إلا بعد العلم بصحته، كيف وهذا كذب، لم يكن أبو بكر في جيش أسامة أصلا، بل قيل إنه كان فيهم عمر رضي الله عنه. وقد تواتر عن النبي ﷺ أنه استخلف أبا بكر على الصلاة حتى مات وصلى أبو بكر بهم الصبح يوم توفي وقد كشف ﷺ سجف الحجرة فرآهم خلف أبي بكر فسُرَّ بذلك. فكيف يمكن مع هذا أن يكون من جيش أسامة الذين شرعوا في الرحيل ولو أراد النبي ﷺ تولية علي لكان هؤلاء أعجز من أن يدفعوا أمره، ولكان جماهير الأمة أطوع لله ولرسوله من أن يدعوا أحدا يتوثب على من نص الرسول لهم عليه. ثم لو كان أراد توليته لكان أمره بالصلاة بالمسلمين أيام مرضه ولما كان يدع أبا بكر يصلي به. قال: "ولم يولّ أبا بكر عملا وولى عليه".

قلنا: وأي ولاية فوق ولاية الصلاة والحج والزكاة؟ وقد ولى جماعة دون أبي بكر بكثير مثل عمرو بن العاص والوليد بن عقبة وأبي سفيان بن حرب. وعدم ولايته لا يدل على نقصه. ولأنه كان وزيره وكان لا يستغني عنه في مهمات الأمور ويليه عمر.

قال: "وأنفذه رسول الله ﷺ لأداء سورة براءة ثم أنفذ عليا وأمره برده وأن يتولى هو ذلك. ومن لا يصلح لأداء سورة كيف يصلح للخلافة".

الجواب أن هذا افتراء محض ورد للتواتر، فإن الرسول استعمل أبا بكر على الحج [سنة تسع] فما رده ولا رجع، بل هو الذي حج بالناس، فكان علي من جملة رعيته إذ ذاك يصلي خلفه ويسير بسيره. فالعلم بهذا لم يختلف فيه اثنان. فكيف تقول إنه أمر برده؟ ولكن أردفه بعلي لينبذ إلى المشركين عهدهم، لأن عادتهم كانت جارية أن لا يعقد العهود ولا يحلها إلا المطاع أو رجل من أهل بيته فبعث عليا ببراءة. فيالله إذا كنت تجهل مثل هذا من أحوال الرسول وأيامه وسيرته فإيش عندك من العلم؟ وكان السكون أولى بك وبأشباهك. أفأملك أن أعمى الله قلبك إذ خبثت سريرتك فلا تبرز بفائدة ولا تأتي بخير، ولكنك معرق في الرفض. فلله الحمد على العافية.

ثم تقول: "والإمامة متضمنة لأداء جميع الأحكام إلى الأمة".

سبل الأحكام كلها تلقتها الأمة عن نبيها لا تحتاج فيها إلى الإمام، وإنما الإمام منفذ لما شرعه الرسول. والصديق كان عالما بعامة ذلك وإذا خفي عليه الشيء اليسير سأل الصحابة عنه كما سأل عن ميراث الجدة فأخبر أن نبي الله أعطاها السدس. وما عرف له قول خالف نصا. وقد عرف لعمر وعثمان من ذلك أشياء، وعرف لعلي أكثر مما عرف لهما كقوله إن الحامل المتوفى عنها تعتد أبعد الأجلين، وحديث سبيعة في الصحيحين بأنها تحل إذا وضعت. وقد جمع الشافعي رحمه الله تعالى كتابا في خلاف علي وابن مسعود. {وجمع بعده محمد بن نصر المروزي أكثر من ذلك، فإنه كان إذا ناظره الكوفيون يحتج بالنصوص فيقولون نحن أخذنا بقول علي وابن مسعود فجمع لهم أشياء كثيرة من قول علي وابن مسعود تركوه أو تركه الناس يقول: إذا جاز لكم خلافهما في تلك المسائل لقيام الحجة على خلافهما فكذلك في سائر المسائل. ولا يعرف لأبي بكر مثل هذا.} ثم القرآن بلغه كل أحد عن الرسول ﷺ، فيمتنع أن يقال لم يصلح أبو بكر لتبليغه. ولا يجوز أن يقال إن تبليغ القرآن يختص بعلي فإن القرآن لا يثبت بخبر الواحد.

قال: "ومن ذلك قول عمر إن محمدا لم يمت وهو يدل على قلة علمه. وأمر برجم حامل فنهاه علي فقال: لولا علي لهلك عمر".

قلنا: قد أوردنا لك نصوصا عدة في مكانة عمر من العلم فكان أعلم الناس بعد الصديق. وأما كونه ظن أن الرسول لم يمت فهذا كان ساعة ثم تبين له موته. وعلي قد ظن أشياء ثم ظهرت له بخلاف ذلك. ولم يقدح بمثل هذا في إمامتهما. وأما الحامل فلم يدر أنها حاملة فنبهه علي. وقد نزل الكتاب بموافقة عمر في مواضع. وقال ﷺ: «لو كان بعدي نبي لكان عمر» ولما وضع على سريره أثنى عليه وأحب أن يلقى الله بمثل صحيفة عمر.

وقال: "وابتدع التراويح مع أن النبي ﷺ قال: يا أيها الناس إن الصلاة بالليل في رمضان جماعة بدعة وصلاة الضحى بدعة فلا تجمعوا في رمضان ليلا ولا تصلوا الضحى. وخرج عمر ليلا فرأى المصابيح في المساجد فقال: ما هذا؟ فقيل: إنهم اجتمعوا لصلاة التطوع، فقال: بدعة ونعمت البدعة هي".

فيقال: ما رؤي في الطوائف أجرأ من هذه الطائفة على الكذب حتى على نبيها بوقاحة مفرطة مع فرط الجهل. فأين إسناد هذا وأين صحته؟ وأنى له صحة وهو للكذب الإكسير الذي يعمل منه الكذب. لم يروه عالم. وأدنى العلماء يعلمون أنه موضوع. ولا له إسناد. فقد ثبت أن الناس كانوا يصلون جماعة بالليل في رمضان على عهد نبيهم، وثبت أنه صلى بالمسلمين ليلتين أو ثلاثا فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا. متفق عليه من حديث عائشة. وخرج البخاري من حديث عبد الرحمن بن عبد [القاري] قال: خرجت مع عمر ليلة رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته رهط، فقال عمر: إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال: نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون. يريد بذلك آخر الليل. وهذا الاجتماع لم يكن فسماه بدعة؛ وما هو بالبدعة الشرعية التي هي ضلالة إذ هي ما فُعل بلا دليل شرعي، ولو كان قيام رمضان جماعة قبيحا لأبطله أمير المؤمنين علي وهو بالكوفة. بل روي عنه أنه قال: نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا. وعن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا دعا القراء في رمضان فأمر منهم رجلا يصلي بالناس عشرين ركعة، قال: وكان علي يوتر بهم. وعن عرفجة الثقفي قال: كان علي بن أبي طالب يأمر بقيام رمضان ويجعل للرجال إماما وللنساء إماما فكنت أنا إمام النساء. رواهما البيهقي في سننه. وأما الضحى فرغب فيها الرسول ﷺ كما صح عنه في أحاديث.

قال: "وفعل عثمان أمورا لا تجوز حتى أنكر عليه المسلمون كافة واجتمعوا على قتله".

قلنا: وهذا من جهلك وافترائك، فإن الناس بايعوا عثمان وما اختلف في بيعته اثنان ولا تخلف عنها أحد كما تخلف شطر الناس عن بيعة غيره. فمن الذي اجتمع على قتل عثمان؟ هل هم إلا طائفة من أولي الشر والظلم. ولا دخل في قتله أحد من السابقين. بل الذين قاتلوا عليا وأنكروا عليه أضعاف أولئك، وكفره ألوف من عسكره وخرجوا عليه. وقتل في الآخر كما قتل ابن عمته عثمان. قاتل الله من قتلهما.

===========

الفصل السادس

(في الحجج على إمامة أبي بكر)

قال: "احتجوا بالإجماع. والجواب منعه فإن جماعة من بني هاشم لم يوافقوا على ذلك، وجماعة كسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وحذيفة وسعد بن عبادة وزيد بن أرقم وأسامة وخالد بن سعيد بن العاص، حتى أن أباه أنكر ذلك وقال: من استخلف الناس؟ قالوا: ابنك قال وما فعل المستضعفان؟ إشاره إلى علي والعباس قالوا: اشتغلوا بتجهيز رسول الله ﷺ ورأوا أن ابنك أكبر منه. وبنو حنيفة كافة ولم يحملوا الزكاة إليه حتى سماهم أهل الردة وقتلهم وسباهم، فأنكر عليه عمر ورد السبايا أيام خلافته".

قلنا: من له أدنى خبرة وسمع هذا جزم بأن قائله أجهل الناس أو من أجرأ الناس على البهتان فالرافضة ذوو جهل وعمى فمن حدثهم بما يوافق أهواءهم صدقوه ولو كان الدجال؛ ومن أورد عليهم بمخالفة أهوائهم كذبوه ولو كان صديقا. وإن اعتقدوا صدقه قالوا: نعم، وقالوا لإخوانهم: إنما نقول هذا الذي نقوله مداراة وتقية للنواصب. فكيف يرجى فلاح من هذا حاله أم كيف نؤمل عافية من هذا مرضه؟ فلهم أوفر نصيب من قوله تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه} ولنا إن شاء الله أوفى حظ من التمثل بقوله: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} أفَسُمع قط بمثل هذا؟ فقد علم كل عالم كفر بني حنيفة أتباع مسيلمة وارتدادهم، وهذا يعدهم من أهل الإجماع وأنما قتلهم وسباهم لامتناعهم عن بيعته ولأنهم لم يحملوا الزكاة إليه! فنعوذ بالله من البهتان ونقل الهذيان وتضييع الزمان في الرد على هذا الذي هو غير إنسان.

إذا محاسني اللائي أدل بها ** كانت ذنوبا فقل لي كيف أعتذر

ومن أعظم مناقب الصديق قتل هؤلاء الأرجاس وسبيهم. وما قاتلهم على منع زكاة بل على إيمانهم بمسيلمة، وكانوا نحو مائة ألف. والحنفية سرية علي أم محمد بن الحنفية من سبيهم. فأما الذين قاتلهم على منع الزكاة فطوائف من العرب غير بني حنيفة استباحوا ترك الزكاة بالكلية فقاتلهم. وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهما: إذا قال قوم نحن نزكي ولا ندفعها إلى الإمام لم يجز قتالهم. فهلا عددت يا في المتخلفين عن بيعة أبي بكر اليهود والبربر وكسرى وقيصر! فأمر بني حنيفة قد خلص إلى العذارى في الخدور وأنت لا تعي. وكتاب الردة لسيف بن عمر مشهور والردة للواقدي.

ثم قولك: "إن عمر أنكر قتال أهل الردة ورد عليهم" من البهتان. وإنما توقف مع الصديق في قتال مانعي الزكاة فناظرة فرجع عمر إلى قوله.

وأما الذين سميتهم وأنهم تخلفوا عن بيعة الصديق فكذب عليهم. ما تخلف إلا سعد بن عبادة. ومبايعة هؤلاء لأبي بكر ثم عمر أشهر من أن تنكر. وأسامة ما سار بذلك الجيش حتى بايع الصديق. وكان خالد بن سعيد نائبا للنبي ﷺ فلما مات قال: لا أنوب لغيره. ووقد علم بالتواتر أنه ما تخلف عن بيعة الصديق سوى سعد. وأما علي وبنو هاشم فلم يمت أحد منهم إلا وهو مبايع له، لكن قيل تأخرت بيعتهم ستة أشهر وقيل بايعوه ثاني يوم طوعا منهم. ثم الجميع أيضا بايعوا عمر سوى سعد، ومات سعد في خلافة عمر وكان قد رامها يوم السقيفة ولم يدر أن الخلافة في قريش.

وما ذكره عن أبي قحافة فباطل ولم يكن ابنه أسن الصحابة كان أصغر من النبي ﷺ بقليل. والعباس أكبر من النبي ﷺ بثلاث سنين. لكن المأثور عن أبي قحافة أنه لما قبض نبي الله ارتجت مكة فسمع أبو قحافة فقال: ما للناس؟ قالوا: قبض رسول الله ﷺ، قال: أمر جلل، فمن ولي بعده؟ قالوا: ابنك، قال: وهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة؟ قالوا: نعم، قال: لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: أرسلت فاطمة إلى أبي بكر تسأل ميراثها من أبيها رسول الله ﷺ مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال: إن رسول الله ﷺ قال: «لا نورث ما تركنا صدقة وإنما يأكل آل محمد من هذا المال» وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله ﷺ عن حالها التي كانت عليه في عهده، ولست تاركا شيئا كان يعمل به إلا عملت به إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ. فوجدت فاطمة على أبي بكر فلم تكلمه حتى توفيت. وعاشت بعد رسول الله ﷺ ستة أشهر؛ فلما توفيت دفنها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر. وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة فلما ماتت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا تأتنا ومعك أحد -كراهية عمر- فقال عمر لأبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك، فقال أبو بكر: ما عساهم أن يفعلوا بي والله لآتينهم، فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي ثم قال: إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت بالأمر علينا، وكنا نرى أن لنا فيه حقا لقرابتنا من رسول الله ﷺ، فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله ﷺ أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم أترك أمرا رأيت رسول الله ﷺ يصنعه فيها إلا صنعته، فقال علي: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر قام قائما على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره الذي اعتذر به، ثم استغفر، وتشهد علي فعظم حق أبي بكر وأن لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكار عليه للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى أن لنا في الأمر نصيبا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت، وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر بالمعروف. ولا ريب أن الإجماع المعتبر في الإمامة لا يضر فيه تخلف الواحد والاثنين، ولو اعتبر ذلك لم تكن تنعقد إمامة. بخلاف الإجماع على الأحكام العامة فهل يعتد بخلاف الواحد أو الاثنين. فعن أحمد روايتان إحداهما لا يعتد بخلافهما فيه وهو قول محمد بن جرير الطبري وغيره. الثاني يعتد بخلاف الواحد والاثنين في الأحكام. ثم الواحد إذا خالف النص كان خلافه شاذا، كخلاف سعيد بن المسيب في أن المطلقة ثلاثا إذا نكحت زوجا غيره أبيحت للأول بمجرد العقد. وأيضا فلا يشترط في صحة الخلافة إلا اتفاق أهل الشوكة والجمهور. قال ﷺ: «عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة» وقال: "عليكم بالسواد الأعظم" «ومن شذ شذ في النار» ثم اجتماع الأمة على بيعة أبي بكر أعظم من اجتماعهم على بيعة علي، فإن ثلث الناس أو أرجح لم يبايعوه وقاتلوه، وخلق من الكبار لم يقاتلوا معه واعتزلوا. [فإن جاز القدح في الإمامة بتخلف بعض الأمة عن البيعة كان القدح في إمامة علي أولى بكثير.]

فإن قلت: "إمامته ثبتت بالنص فلا يحتاج إلى الإجماع" قلنا: قد مرت النصوص الدالة على تقديم أبي بكر تلويحا أو تصريحا مع أولويته وإجماعهم على بيعته وعلى تسميته خليفة رسول الله ﷺ. [والكلام في إمامة الصديق إما أن يكون في وجودها وإما أن يكون في استحقاقه لها. أما الأول فهو معلوم بالتواتر واتفاق الناس بأنه تولى الأمر وقام مقام رسول الله ﷺ وخلفه في أمته وأقام الحدود واستوفى الحقوق وقاتل الكفار والمرتدين وولى الأعمال وقسم الأموال وفعل جميع ما يفعل الإمام، بل هو أول من باشر الإمامة في الأمة. وأما إن أريد بإمامته كونه مستحقا لذلك، فهذا عليه أدلة كثيرة غير الإجماع، فلا طريق يثبت بها كونه علي مستحقا للإمامة إلا وتلك الطريق يثبت بها أن أبا بكر مستحق للإمامة وأنه أحق بالإمامة من علي وغيره. وحينئذ فالإجماع لا يحتاج إليه لا في الأولى ولا في الثانية، وإن كان الإجماع حاصلا.] قال: "وأيضا الإجماع ليس أصلا في الدلالة بل لا بد له من مستند إما عقلي وما في العقل ما يدل على إمامته وإما نقلي. وعندهم أن رسول الله ﷺ مات عن غير وصية ولا نص على إمام فلو كان الإجماع متحققا لكن خطأ فتنتفي دلالته".

قلنا: إن أردت بقولك: "الإجماع ليس أصلا في الدلالة" أن أمير المؤمنين لا تجب طاعته لنفسه وإنما تجب لكونه دليلا على أمر الله ورسوله فهذا صحيح ولكنه لا يضر، فإن أمر الرسول كذلك لا تجب طاعته لذاته بل لأن من أطاعه فقد أطاع الله. ففي الحقيقة لا يطاع أحد لذاته إلا الله {له الخلق والأمر} {إن الحكم إلا لله} وإن أردت أنه قد يكون موافقا للحق وقد يكون مخالفا، فهذا قدح في كون الإجماع حجة. ودعوى أن الأمة تجتمع على الخطأ كما يقوله النظام وبعض الرافضة خطأ. ونحن لا نحتاج في إمامة الصديق إلى هذا ولا نشترط لأحد، فنقول ما من حكم بالإجماع إلا وقد دل عليه النص، والإجماع دليل على نص موجود، والناس مختلفون في جواز الإجماع عن اجتهاد لكن لا يكون النص خافيا عن الكل. وخلافة الصديق من هذا الباب فإنه ورد فيه نصوص تدل على أن خلافته حق وصواب وهذا مما لا خلاف فيه، وإنما اختلفوا هل العقد بنص خاص أو بالإجماع. ومستند قولنا النص والإجماع متلازمان قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} فهذا ينبغي أنهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر، والواجب والمحرم داخل في ذلك قطعا، فيجب أن يوجبوا كل ما أوجبه الله ويحرموا كل ما حرمه الله وأن لا يسكتوا عن الحق. فكيف يجوز عليهم التكلم بنقيضه من الباطل، فلو كانت ولاية أبي بكر حراما منكرا لوجب عليهم النهي وامتنع عليهم السكوت. ولو كانت طاعة علي وتقديمه واجبا لكان ذلك من أعظم المعروف الذي يجب أن يأمروا به. وقال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} وقال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} فمن جعلهم الرب شهداء على الناس فلا بد أن يكونوا عالمين بما يشهدون به، فلو كانوا يحللون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله ويسقطون ما أوجب ويوجبون ما أسقط لما صلحوا أن يكونوا شهداء على الناس، وكذلك إذا كانوا يجرحون الممدوح ويمدحون المجروح. فإذا شهدوا باستحقاق أبي بكر وجب أن يكونوا صادقين. وكذا إذا شهدوا كلهم أن هذا صالح وهذا عاص وجب قبول شهادتهم. وقال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم} فتوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين 1 كما توعد على مشاقة الرسول، فكل منهما مذموم؛ فإذا أصفقوا على تحريم أو حل وخالفهم مخالف فقد اتبع غير سبيلهم فيذم. وقال: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} فلو كانوا في حال الاجتماع كالتفرق لم يبق فرق وقال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} جعل موالاتهم كموالاة الله والرسول، والله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة، وأحق الناس بهذا الصحابة. فثبت أن ما فعلوه من خلافة أبي بكر حق. وقال ﷺ: «من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض» قال: "وأيضا الإجماع إنما يعتبر فيه قول الكل وهذا لم يحصل وقد أجمع أكثر الناس على قتل عثمان".

قلنا: أجبنا على هذا وأنه لا يقدح في اتفاق أهل الحل والعقد شذوذ من خالف. وأما عثمان فإنما قتله طائفة قليلة باغية ظالمة. قال: "وكل واحد يجوز عليه الخطأ فأي عاصم لهم عن الكذب عند الإجماع".

قلنا: إذا حصل بالإجماع من الصفات ما ليس للآحاد لم يجز أن يجعل حكم الواحد حكم الإجماع. فالآحاد يجوز عليهم الغلط والكذب فإذا انتهوا إلى حد التواتر امتنع عليهم الغلط والكذب. وكل واحد من اللقم لا يشبع وبالاجتماع يحصل الشبع. والواحد لا يقدر قتال العدو فإذا اجتمع عدد قدروا، فالكثرة تؤثر قوة وعلما. قال تعالى: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} وقال ﷺ: «الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد» ومعلوم أن السهم الواحد يكسره الإنسان، وبضمه إلى سهام كثيرة يتعذر. وأيضا فإن كان الإجماع قد يكون خطأ لم تثبت لك عصمة علي؛ فإنه إنما علمت عصمته بالإجماع كما زعمت وأن لا معصوم سواه، فإن جاز الخطأ على الإجماع أمكن أن يكون غيره معصوما، وإن قدحتم في الإجماع بطل أصل مذهبكم، وإن قلتم هو حجة فقد أجمعوا على الثلاثة قبل علي. قال: "وقد بينا ثبوت النصوص الدالة على إمامة علي فلو أجمعوا على خلافه لكان خطأ".

قلنا: قد تقدم بيان توهية كل ما تزعم أنه ثابت وأتينا بنصوص ثابتة بخلاف ذلك. ثم نصوصنا معتضدة بالإجماع. فلو قدر خبر يخالف الإجماع لعلم أنه باطل أو لا يدل. ومن الممتنع تعارض النص المعلوم والإجماع المعلوم؛ فإن كليهما حجة قطعية والقطعيات لا يجوز تعارضها وإلا لزم الجمع بين النقيضين. وكل نص أجمعت الأمة على خلافه فهو منسوخ بنص آخر. أما إن يبقى في الأمة نص معلوم والإجماع بخلافه فهذا لم يقع. فالإجماع والنص على خلافة الصديق مبطلان بالضرورة لما افترته الرافضة من النص على علي. قال: "ورووا عن النبي ﷺ أنه قال: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» والجواب المنع من الرواية ومن دلالتها على الإمامة، إذ الاقتداء بالفقهاء لا يلزم منه الخلافة، وهما قد اختلفا كثيرا فلا يمكن الاقتداء بهما. ثم هو معارض بما رووه: أصحابي كالنجوم".

قلنا: هذا بكل حال أقوى من النص الذي تزعمونه فإن هذا رواه أحمد وأبو داود والترمذي. والنص في علي باطل، حتى قال ابن حزم: ما وجدنا هذا النص إلا رواية واهية عن مجهول إلى مجهول يكنى أبا الحمراء لا نعرف من هو في الخلق. وأمره بالاقتداء بهما دال على كونهما غير ظالمين ولا مرتدين إذ من هو كذلك لا يكون قدوة. ولا يكاد يعرف اختلاف بين أبي بكر وعمر إلا في النادر كالجد مع الإخوة، وقسمة الفيء بالسوية أو التفضيل، واختلافهما في تولية خالد وعزله، فاختلف اجتهادهما. والحديث يوجب الاقتداء بهما فيما اتفقا عليه. وحديث: "أصحابي كالنجوم" ضعفه أئمة الحديث فلا حجة فيه. قال: "وذكروا ليلة الغار وقوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى} وقوله {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} والداعي هو أبو بكر وكان ثاني الاثنين في العريش يوم بدر وأنفق ماله على النبي ﷺ وتقدم في الصلاة. فلا فضيلة له في الغار لجواز أن يستصحبه حذرا منه لئلا يظهر أمره. والآية تدل على نقصه وخوره وقلة صبره لقوله: {لا تحزن} فإن كان الحزن طاعة استحال أن ينهى عنه الرسول، وإن كان معصية عادت الفضيلة رذيلة. وأيضا فإن القرآن حيث ذكر السكينة شرك مع الرسول فيها المؤمنين إلا هنا ولا نقص أعظم منه. وقوله {وسيجنبها الأتقى} فالمراد به أبو الدحداح حيث اشترى نخلة لشخص لأجل جاره. وأما {قل للمخلفين} فالمراد من تخلف عن الحديبية التمسوا أن يخرجوا إلى غنيمة خيبر فمنعوا بقوله {قل لن تتبعونا} لأن الله جعل غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية فمنعوا بقوله {قل لن تتبعونا} ثم قال: {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون} يريد سندعوكم فيما بعد، فدعاهم الرسول إلى غزوات كثيرة كمؤتة وخيبر وتبوك ويجوز أن يكون الداعي لهم أمير المؤمنين حيث قاتل. وأما كونه أنيسه في العريش فإنما كان أنسه بالله لكن لما عرف الرسول أنه إن أمر أبا بكر بالقتال يؤدي إلى فساد حيث هرب عدة مرار، فأيما أفضل القاعد عن القتال أو المجاهد؟ وأما إنفاقه فكذب لأنه لم يكن له مال فإن أباه كان فقيرا في الغاية فلو كان غنيا لكفى أباه. وكان أبو بكر في الجاهلية مؤدبا وفي الإسلام خياطا فلما ولوه منعوه من الخياطة فقال: إني محتاج إلى القوت فجعلوا له في كل يوم ثلاثة دراهم من بيت المال. والرسول كان غنيا بمال خديجة قبل الهجرة [وبعد الهجرة] لم يكن لأبي بكر شيء. ولو أنفق لنزل فيه قرآن كما نزل في علي: {هل أتى} ومن المعلوم أن الرسول أشرف من الذين تصدق عليهم أمير المؤمنين والمال الذين يدعون إنفاقه أكثر، فحيث لم ينزل فيه قرآن دل على كذب النقل. وأما تقديمه في الصلاة فخطأ، لأن بلالا لما أذن أمرته عائشة أن يقدم أباها فلما أفاق نبي الله سمع التكبير فقال: أخرجوني فخرج بين علي والعباس فنحاه عن القبلة وعزله عن الصلاة وتولى هو الصلاة. فهذه حال أدلة الجمهور. فلينظر العاقل بعين الإنصاف ويقول: طلب الحق دون اتباع الهوى ويترك تقليد الآباء والأجداد".

والجواب أن في هذا الكلام من البهتان والقحة ما لا يعرف لطائفة، فلا ريب أن الرافضة فيهم شبه من اليهود فإنهم قوم بهت يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويريدون قلب الحقائق، فهم أعظم المبتدعة ردا للحق وتصديقا للكذب.

فأما الغار ففضيلة ظاهرة باهرة لقوله: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} وفي الصحيحين أن أبا بكر قال: نظرت إلى أقدام المشركين على رءوسنا ونحن في الغار فقلت لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا فقال: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» والمعية هنا خاصة كقوله تعالى: {إنني معكما أسمع وأرى} والمعية العامة بالعلم كقوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} قال ابن عيينة: عاتب الله الخلق كلهم في نبيه إلا أبا بكر فقال: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين} الآية. قال أبو القاسم السهيلي وغيره: هذه المعية الخاصة لم تثبت لغير أبي بكر. وفي قوله {إذ يقول لصاحبه} دليل على أن الصديق في ذروة سنام الصحبة، فإنه صحبه من أول ما بعث إلى أن مات، كما يقال ما فارقه لا في الحياة ولا في الممات. وفي الصحيح أنه ﷺ قال: «هل أنتم تاركوا لي صاحبي» وفي الصحيحين عن عائشة قالت: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين ولم يمض علينا يوم إلا ورسول الله ﷺ يأتينا فيه طرفي النهار. وفي حديث صلح الحديبية الذي أخرجه البخاري أن عمر قال: يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: «بلى» قال: فلم نعطي الدنية في ديننا إذن؟ فقال: «إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري» قال: فقلت: أوليس كنت تحدثنا أنا نأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى فأخبرتك أنك تأتيه العام» قلت: لا، قال: «فإنك آتيه ومطوف به» قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: لم نعطي الدنية في ديننا؟ قال: أيها الرجل إنه رسول الله ولن يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق. وذكر الحديث. فبهذا وأشباهه استحق أبو بكر أن يسمى صديقا. وللبخاري عن أبي الدرداء عن النبي ﷺ قال: "أيها الناس اعرفوا لأبي بكر حقه فإنه لم يسؤني قط". 2

وإذا تدبر العاقل ما صح من الأحاديث وأمعن النظر لاح له الصدق من الكذب. ومن شرك الحفاظ وجهابذة الحديث في علمهم علم بعض ما قالوه وعرف بعض قدرهم وتحريهم. وإلا فليسلم القوس إلى باريها كما يسلم إلى الأطباء طبهم وإلى النحاة نحوهم وإلى الصيارفة نقدهم، مع أن جميع أرباب الفنون يجوز عليهم الخطأ إلا الفقهاء والمحدثين فلا هؤلاء يجوز عليهم الاتفاق على مسألة باطلة ولا هؤلاء يجوز عليهم التصديق بكذب ولا التكذيب بصدق.

فمن تأمل وجد فضائل الصديق كثيرة وهي خصائص له مثل {إن الله معنا} وحديث المخالّة وحديث أنه أحب الرجال إلى رسول الله ﷺ وحديث الإتيان إليه بعده وحديث كتابة العهد له وحديث تخصيصه بالصديق ابتداء والصحبة وتركه له [وهو قوله: «فهل أنتم تاركو لي صاحبي»] وحديث دفعه عنه عقبة بن أبي معيط إذ وضع الرداء في عنقه وحديث استخلافه في الصلاة والحج وشأن ثباته بعد وفاة الرسول ﷺ وانقياد الأمة له وحديث خصال الخير التي اتفقت له في يوم. ثم له مناقب يشركه فيها عمر كحديث شهادته بالإيمان له ولعمر وحديث [علي يقول: كثيرا ما كنت أسمع النبي ﷺ يقول]: «خرجت أنا وأبو بكر وعمر» وحديث نزعه من القليب وحديث: «إني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر» ومناقب علي على كثرتها ليس فيها شيء خصائص. وللصديق في الصحاح نحو عشرين حديثا أكثرها خصائص، فمناقبه جمة وفضائله عدة استوجب بها أن يكون خليل رسول الله ﷺ دون الخلق لو كانت المخالة ممكنة.

فلو كان مبغضا له كما يقول الرافضي لما حزن، بل كان يظهر الفرح والسرور. فأخبر الرسول ﷺ أن الله معهما وهذا إخبار بأن الله معهما بنصره وحفظه. ومعلوم أن أضعف الناس عقلا لا يخفى عليه حال من يصحبه في مثل هذا السفر الذي قد عاداه فيه أولئك الملأ، فكيف يصحب واحدا ممن يظهر له موالاته دون غيره وهو عدو له في الباطن؟ هذا لا يفعله إلا أغبى الناس وأجهلهم. فقبح الله من جوز هذا على أكمل الخلق عقلا وعلما.

وقول الرافضي: "يجوز أن يستصحبه حذرا منه لئلا يظهر أمره" فهذا باطل من وجوه عدة: أحدها أنه قد علم بدلالة القرآن موالاته ومحبته. وعلم بالتواتر المعنوي أنه كان محبا للرسول مؤمنا به مختصا به أعظم مما علم من سخاء حاتم وشجاعة عنترة. ولكن الرافضة قوم بهت، حتى إن بعضهم جحدوا أن يكون أبو بكر وعمر دفنا في الحجرة النبوية. وأيضا فما قاله هذا الرافضي يدل على فرط جهله عموما وخاصة بما وقع وقت الهجرة، فإنه اختفى هو وصاحبه الغار وعرف بذلك أهل مكة وأرسلوا الطلب من الغد في كل فج وجعلوا الدية فيه وفي أبي بكر لمن أتى بواحد منهما، فهذا دليل على علمهم بموالاته للرسول ﷺ ومعاداتهم له، ولو كان مباطنهم لما بذلوا فيه الدية. وأيضا فإنه كان خرج ليلا لم يدر به أحد فماذا يصنع باستصحاب أبي بكر؟ فإن قيل لعله علم بخروجه؛ قيل: يمكنه أن يخفي ذلك عنه كما خفي عن سائر المشركين. وفي الصحيحين أن أبا بكر استأذن في الهجرة فأمره أن يصبر ليهاجر معه. وفي الصحيحين عن البراء عن أبي بكر قال: سرينا ليلتنا حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق حتى رفعت لنا صخرة لها ظل فنزلنا عندها فسويت بيدي مكانا ينام فيه النبي ﷺ في ظلها ثم بسطت فروة ثم قلت: نم يا رسول الله، فنام، إلى أن قال: فارتحلنا بعد الزوال واتبعنا سراقة بن مالك ونحن في جلد من الأرض فقلت: يا رسول الله أتينا، فقال: {لا تحزن إن الله معنا} فدعا عليه فارتطمت فرسه إلى بطنها، فقال إني قد علمت أنكما دعوتما علي فادعوا لي ولكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا الله فنجا، فرجع لا يلقى أحدا إلا وقال قد كفيتم ما ها هنا. وذكر الحديث. وفي البخاري عن عائشة قالت: فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا إلى الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ قال: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي. الحديث بطوله. وأيضا فلما كان في الغار كان يأتيهما بالخبر عبد الرحمن بن أبي بكر ومعهما عامر بن فهيرة فكان يمكنه أن يعلمهم بخبره. ثم لما جاء الكفار ورأى أقدامهم هلا خرج إليهم وأسلمه؟ فلا مثلها. فسبحان من أعمى بصيرتك.

وقولك: "الآية تدل على نقصه وقلة صبره" فهذا تناقض: بينا أنت قائل استصحبه حذرا منه لئلا يظهر أمره إذ جعلته قليل الصبر ذا خور، فبالله على أي شيء تُحسد لا علم ولا فهم.

وأعلم أنه لم يكن في المهاجرين منافق، وذلك كالمستحيل، فإن العز والمنعة كانت بمكة للمشركين، ومن دخل في الإسلام تعب بهم وآذوه بكل طريق، فلا يدخل أحد في الإسلام إلا ابتغاء وجه الله، لا لرهبة إذ الرهبة من الطرف الآخر. وإنما كان النفاق في أهل المدينة لأن الإسلام فشا بها وعز وعلا على الشرك، فبقي أناس في قلوبهم زيغ وغل لم يؤمنوا فأسلموا في الظاهر تقية وخوفا من السيف. والمهاجرون ما أكرههم أحد ولا خافوا من المسلمين بل هم كما قال الله تعالى: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} وأبو بكر أفضلهم. وكلهم خاطبوه بخليفة رسول الله فمن سماهم الله صادقين لا يتفقون على ضلالة.

وقولك: "يدل على نقصه" نعم، كلنا ناقص بالنسبة إلى رسول الله ﷺ، ولم ندع عصمته كما فعلتم. ثم الله قد قال لنبيه: {ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون} وقال للمؤمنين عامة: {ولا تهنوا ولا تحزنوا} وقال لنبيه: {لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم} ولا ينافي الحزن الإيمان. ومن شبّه يقين الصديق وصبره بغيره من الصحابة فهو جاهل. والصديق أرفع من عثمان بكثير في المناقب، وبعد ذا فقد صبر عثمان وثبت ثباتا ما مثله، حاصروه وراموا طعنه وقتله وهو يمنع أنصاره ومواليه عن حربهم إلى أن ذبحوه وهو صابر محتسب موقن. ثم إن قوله {لا تحزن} لا يلزم منه وقوع الحزن. وكذا النهي عن كل شيء كقوله: {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين} {ولا تدع مع الله إلها آخر} {فلا تكونن من الجاهلين} وهب أنه حزن فكان حزنه على رسول الله ﷺ لئلا يقتل فيذهب الإسلام. [روى] وكيع عن نافع عن ابن عمر عن ابن أبي مليكة قال: لما هاجر النبي ﷺ أخذ طريق ثور فجعل أبو بكر يمشي خلفه ويمشي أمامه، فقال النبي ﷺ: ما لك؟ فقال: يا رسول الله أخاف أن تؤتى من خلفك فأتأخر وأخاف أن تؤتى من أمامك فأتقدم، فلما انتهيا إلى الغار قال: يا رسول الله كما أنت حتى أُقِمَّهُ، قال نافع: فحدثني رجل عن ابن أبي مليكة أن أبا بكر رأى جحرا في الغار فألقمه قدمه وقال: يا رسول الله إن كانت لدغة كانت فيَّ. وفي الصحيحين: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» فحزن الصديق على النبي ﷺ لاحتمال أن يؤذى يدل على كمال محبته وذبه عنه. وقد أخبر الله عن يعقوب أنه قال: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}

ثم أنتم تحكون عن فاطمة رضي الله عنها من الحزن على أبيها ما لا يوصف وأنها اتخذت بيت الأحزان وتصفونها بما لا يسوغ؛ فالجاهل يريد أن يمدح فيقدح. وإن قلت حزن أبي بكر على نفسه من القتل دل [ذلك] على أنه مؤمن ولم يكن مباطنا لقريش. ونبي الله قال: «وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون» والحزن مباح وعلى ذلك تدل النصوص.

وقلتم: "قوله {لصاحبه} لا يدل على إيمان" وذكرتم {إذ يقول لصاحبه وهو يحاوره}

قلنا: لفظ الصاحب عام، ومنه قوله {والصاحب بالجنب} لكن آية الغار بسياقها تدل على صحبة المودة والموالاة.

وأما قولك {فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين} فلأنهم كانوا انهزموا فلو قال: {على رسوله} وسكت لما دل الكلام على نزول السكينة عليهم، وأما هنا فلم يحتج إلى هذا لأنه كان تابعا مطيعا فهو صاحبه والله معهما، فإذا حصل للمتبوع هنا سكينة وتأييد بالملائكة كان ذلك التابع أيضا بحكم اللازم. وأبو بكر لما نُعت بالصحبة المطلقة الدالة على كمال الملازمة ونوه بها في أحق الأحوال أن يفارق الصاحب فيها مصحوبه وهو حال شدة الخوف كان هذا دليلا بطريق الفحوى على أنه صاحبه وقت النصر والتأييد والتمكين، ولهذا لم ينصر الرسول في موطن إلا كان أبو بكر أعظم المنصورين بعده، ولم يكن أحد من الصحتبة أعظم يقينا وثباتا منه. ولهذا قيل: لو وزن إيمانه بإيمان أهل الأرض لرجح كما في السنن عن أبي بكرة أن النبي ﷺ قال: هل رأى أحد منكم رؤيا فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزانا من السماء نزل فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت به ثم وزن أبو بكر وعمر فرجح أبو بكر ثم وزن عمر وعثمان فرجح عمر ثم رفع الميزان.

وقولك: {وسيجنبها الأتقى}، لا يجوز أن تكون الآية خاصة بأبي الدحداح دون أبي بكر. كيف والسورة مكية وأبو الدحداح كانت قصته بالمدينة باتفاق. فإن قال أحد إنها نزلت فيه فمعناه أنه ممن شملته الآية، فإن كثيرا ما يقول بعض الصحابة والتابعين نزلت في كذا ويكون المراد أي دلت على هذا الحكم وتناولته ومنهم من يقول قد تنزل الآية مرتين بسببين. وقد ذكر ابن حزم بإسناده عن [عبد الله] بن الزبير وغيره أنها نزلت في أبي بكر؛ وكذلك ذكر الثعلبي ونقله عن عبد الله وعن سعيد بن المسيب. وقال ابن عيينة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: أعتق أبو بكر سبعة كلهم يعذب في الله بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها وزبيرة وأم عميس وأمه بني المؤمل، فأما زبيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار فلما أسلمت عميت فقالوا: أعمتها اللات والعزى قالت: فهي تكفر باللات والعزى، فرد الله بصرها، وأما بلال فاشتراه وهو مدفون في الحجارة فقالوا: لو أبيت إلا أوقية لبعناكه، فقال أبو بكر لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذته. قال: وفيه نزلت {وسيجنبها الأتقى} إلى آخر السورة. وأسلم وله أربعون ألفا فأنفقها في سبيل الله. وأيضا فلم يقل أحد إن أبا الدحداح أتقى الأمة. بل العشرة وغيرهم أفضل منه. فقول من قال نزلت في أبي بكر أصح فإنه أتقى الصحابة وأكرمهم عند الله. وفي الصحيح: «ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر» وفي البخاري أن النبي ﷺ خرج في مرض موته فقعد على منبره وقال: «إنه ليس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذته خليلا ولكن خلة الإسلام أفضل سدوا عني كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر» وصحح الترمذي عن عمر قال: أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي فقال النبي ﷺ: «ما أبقيت لأهلك» قلت: مثله، وأتى أبو بكر بماله كله فقال النبي ﷺ: «ما أبقيت لأهلك» قال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا.

وأما آية: {قل للمخلفين} فقد استدل بها على خلافة الصديق الشافعي والأشعري وابن حزم، واحتجوا بأن الله قال: {فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين} قالوا: فأمر الله نبيه في هؤلاء بهذا، فعلم أن الداعي لهم إلى القتال ليس هو فوجب أن يكون من بعده، وليس إلا أبا بكر أو عمر دعوا إلى قتال فارس والروم وغيرهم أو يسلمون. وهؤلاء جعلوا المذكورين في الفتح هم المخاطبين في براءة، ومن هنا صار في الحجة نظر. والفتح نزلت في قصة الحديبية باتفاق.

وبحث هنا شيخنا وطول ودقق إلى أن قال في الآية: إنها لا تتناول القتال مع علي قطعا لأن الله قال: {تقاتلونهم أو يسلمون} والذين حاربهم علي كانوا مسلمين بنص القرآن. قال الله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} الآية فوصفهم بالإيمان مع الاقتتال والبغي وأخبر أنهم إخوة. وقال ﷺ في الحسن: «وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين» فجرى كذلك. ودل عليه أن ما فعله السيد الحسن كان أرضى لله من القتال.

وأما ما موهت به هذيانك ونقلك الكذب الذي هو هجيراك وديدنك من أمر العريش، فقولك: "هرب عدة مرار في غزواته" فغزاة بدر أول مغازي الرسول فلا غزا هو ولا أبو بكر قبلها فمتى هرب، كلا لم يهرب قط. حتى يوم أحد ما انهزم لا هو ولا عمر، بل عثمان تولى وعفا الله عنه بالنص. وكان أبو بكر أحد من ثبت مع النبي ﷺ يوم حنين كما تقدم. ولو كان في الجبن بهذه المثابة لم يخصه الرسول بأن يكون معه في العريش. بل قوله للرسول إذ رآه يستغيث بالله: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، دال على ثباته وقوة يقينه. وكان هو ورسول الله ﷺ أفضل من شهد بدرا مع كونهما لم يقاتلا؛ فما كل من قاتل أفضل ممن لم يقاتل. فإن كنت يا دائص تصفه بالهروب مرارا وبالخور والفشل والفقر والإفلاس وبكونه خياطا وكان ليس بذي عشيرة ولا بيته كبيت بني عبد مناف وبني مخزوم ولا قريبا من ذاك ولا له عبيد ولا خدم؛ فبالله لماذا خضع له السابقون الأولون وبايعوه وقالوا: يا خليفة رسول الله، ما ذاك والله إلا النص فيه. ولولا أفضليته عليهم في نفوسهم كما قال عمر: "والله لأن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر". قال الرافضي: "وأما إنفاقه على الرسول فكذب لأنه لم يكن له مال".

فيقال: من أعظم البلايا إنكار المتواتر المستفيض القطعي. فمن ذا الذي نقل من الثقات أو الضعفاء ما زعمت؟ أفبالوقاحة والمباهتة ينكر جود حاتم وشجاعة علي وحلم معاوية وغنى أبي بكر وفضله؟ بل هؤلاء لا ذكر لهم في القرآن، وهو فيه نص صريح بفضله وغناه. ففي الصحيحين أن مسطحا كان أبو بكر ينفق عليه وكان أحد من تكلم في الإفك فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه فأنزل الله قوله: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فأعاد عليه النفقة. وقد اشترى بماله سبعة من المعذبين في الله. وقال النبي ﷺ: «ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر» ولما هاجر استصحب ما بقي من ماله، قيل: كانت ستة آلاف. وكان يتجر.

وقولك: "كان مؤدبا" كذب، ولو كان كذلك لما شانه. والمعروف أن أهل مكة كانت الكتابة فيهم قليلة جدا. ولو كان أبو بكر معلما لأوشك أن ينشأ في قريش خلق كثير يكتبون. ولا كان خياطا أيضا والخياطة في قريش نادرة لقلة الحاجة فإن عامة ثيابهم الأزر والأردية. ولما استخلف أراد أن يتجر لعياله ففرض له المسلمون من مال الله كفايته لئلا يشتغل بالتجارة عن أعباء الخلافة. وفي الصحيحين أن أبا بكر لما ابتلي المسلمون بمكة خرج مهاجرا حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة سيد القارة وقال: مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق وإني لك لجار ارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع به ابن الدغنة وطاف في قريش فأجاره فقالوا له: مر أبا بكر فليعبد الله ربه في داره ولا يؤذنا ولا يستعلن بعبادته فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. الحديث بطوله.

وقولك: "لو أنفق لوجب أن ينزل فيه قرآن كما نزل في علي {هل أتى}"

والجواب أن حديث نزول {هل أتى} من الموضوعات كما قدمنا. ولو وجب أن ينزل قرآن في كل قضية لكان المصحف عشرين سفرا كبارا.

وقولك: "تقديمه في الصلاة كان من أمر عائشة" فمن باب الافتراء والمكابرة وجحد المتواتر، فمن نقل لك ما ذكرته: إسناد ثابت أم من نقل شيوخك المفيد والكراجكي وأمثالهما الذين تصانيفهم مشحونة بالكذب؟ أفكانت صلاة واحدة حتى يقال فيها هذا؟ وأهل العلم يعلمون أن أبا بكر صلى بالناس أياما متعددة بقرب الحجرة النبوية بحيث يسمع الرسول ﷺ قراءته ولا تخفى عليه إمامته، وتواتر أن ذلك بإذنه. والنصوص في ذلك كثيرة جمة.

وقد قال نبي الله في مرضه ذلك [على] ما في الصحيحين عن عائشة أنه قال: «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لهم كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» فهذا من إخباره بالكوائن بعده. ولهذا أعرض عن الكتابة لأبي بكر لما علم أن الله يجمعهم عليه وأن المؤمنين يبايعونه ولا يختلفون عليه لا في الأول ولا في الآخر عندما استخلف عليهم بعده خيرهم. أماتنا الله وإياكم على حب الأربعة فإن المرء مع من أحب.

آخره والله أعلم. والحمد لله على الإسلام والسنة. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

فرغ منه مؤلفه ومنتقيه من كتاب شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية أسكنه الله الجنة وأجزل له المنة في نصره أئمة السنة في الرد على ابن المطهر البغدادي الشيعي. والأصل نحو من تسعين كراسة. وهذا المنتقى فيه كفاية بحسب همم الناس، والأصل فبحسب همة الشيخ تغمده الله برحمته آمين.

ملكه بالابتياع الشرعي من فضل الله المفتقر إلى الله محمد بن الحسن الشافعي.

وكان الفراغ من هذه النسخة وتحريرها على يد فقير عفو الله تعالى يوسف الشافعي عفا الله عنه في سلخ جمادى الأولى عام أربع وعشرين وثمانمائة. والحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافي مزيده، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

هامش

في المطبوع: "غير سبيله" والتصحيح من المنهاج.

لم يروه البخاري، وتنظر الضعيفة 3236 و 3237

=====

الفهرست

ة

هل الإمامة أهم المطالب

مناظرة مع إمامي

خبر من مات ولم يعرف إمام زمانه

لم تحصل منفعة من إمام غائب

الفصل الأول في نقل المذاهب في الإمامة

لا وجه لذكر القدر في مسائل الإمامة

العدل والحكمة والتعليل

زلل المعتزلة في كلام وفعل الله

استحقاق المطيع الثواب والعاصي العقاب

عصمة الأنبياء

النص على الإمامة

كلام ابن حزم في الاستخلاف

مبايعة الخلفاء

الفصل الثاني في المذهب الواجب الاتباع

الثناء على المهاجرين والأنصار في القرآن

آية الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون

المنافقون والصحابة

أهل السنة مع الرافضة كالمسلمين مع النصارى

جواب الباقلاني في شأن الإفك

إثبات الصفات والأسماء ونفي مماثلة المخلوقات

لفظ الجسم

المكان

أصل السعادة

جواز الخطإ والسهو والصغائر على الأنبياء

دعوى عصمة الأئمة

دعوى أخذ المعصومين عن جدهم

الرأي والاجتهاد والقياس

إثبات الأسماء والصفات

مقالات طوائف

لفظ الحشوية

لفظ المشبهة

التشبيه والتمثيل

الواجب الاعتصام بالكتاب والسنة

المتحيز

لفظ الجهة

تنازع المتكلمين في الأسماء التي تسمى الله بها وتسمى بها عباده

مذهب أهل السنة والجماعة هو مذهب الصحابة

نطق القرآن بالعلو في مواضع كثيرة

العبد فاعل لفعله حقيقة وله قدرة واستطاعة

إرادة المعاصي

الظلم

القدرة والاستطاعة

التعلل بالقدر

تكليف ما لا يطاق

الأفعال الاختيارية

الاستعاذة من إبليس

تفسير وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى

الحدود والزواجر عن المعاصي

أفعالنا مستندة إلينا

شبه القدرية بالمجوس الذين يجعلون فاعل الشر غير فاعل الخير

أصل كل كفر التعطيل والشرك

توحيد الله أن يعبد وحده

أصل الشرك تعطيل أو إشراك

دليل التمانع في قوله لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا

رؤية الله

أمرنا بالرد عند التنازع إلى الله والرسول ولو كان للناس معصوم غير الرسول لوجه الرد إليه

القياس

مخالفة الإجماع

المذاهب الأربعة

أمور شنيعة

النصير الطوسي

الجزم بالنجاة

آية هل أتى

آية التطهير

آية المودة

زعمه صلاة علي ألف ركعة في اليوم

قوله جعله الله نفس رسوله حيث قال وأنفسنا وأنفسكم

تزويج علي بفاطمة فضيلة

ادعى قوم في علي الربوبية وقتلهم

جعفر بن محمد

موسى بن جعفر

زعمه تحريم ذرية فاطمة على النار

زعمه أن المهدي المنتظر هو ابن الحسن العسكري

اسم المهدي محمد بن عبد الله لا محمد بن الحسن

دعوى عصمة الأئمة وكمالهم

استحقاق الإمامة

الأئمة المقتدى بهم

دعوى اشتغال جميع الخلفاء بالخمور والفجور

ظهور دين الإسلام بأهل السنة

التظلم

العلم بالمرويات

حديث لا نورث

آية وورث سليمان داود

قضية فدك

خبر علي مع الحق

ما ذكره عن فاطمة لا يليق

خبر يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك

حديث فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها

عظم أذى فاطمة لما في ذلك من أذى أبيها

تحريم الزكاة على أهل البيت

معنى الخليفة

استخلاف علي على المدينة وتشبيهه بهارون

حديث علي لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق

للنفاق علامات كثيرة

خديجة وعائشة

إجماع أهل السنة على تعظيم عائشة

ما ذكر عن الصحابة من السيئات

آية وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا

خبر تقاتلين عليا

خطأ المجتهد

قوله أجمعوا على قتل عثمان

ليس من شرط الكبير أن لا يذنب ولا يخطئ

إيواء قتلة عثمان إلى علي

تعظيمهم عائشة طعنا في طلحة والزبير

لا بد من التسوية بين المتماثلين

قوله لم ينصر أحد منهم فاطمة

تسميتهن أمهات المؤمنين بالقرآن

لا يفضل الرجل إلا بنفسه

خبر إذا رأيتموه على منبري فاقتلوه

حكاية المسور بن مخرمة مع معاوية

الدليل على عدالة علي دليل على عدالة غيره

لا يجوز الطعن على من تأخر إسلامه

خبر يطلع عليكم رجل يموت على غير سنتي

محاربة معاوية عليا

من روى أحاديث القعود في الفتنة لم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية

عزل علي معاوية

الفتنة إذا ثارت عجز الحكماء عن إطفاء نارها

التلاعن وقع من الطائفتين والقتال أعظم

لم يثبت سم معاوية للحسن

لم يأمر يزيد بقتل الحسين

الإسلام يهدم ما كان قبله

خالد سيف من سيوف الله

قتل خالد بني جذيمة

حربه أهل اليمامة أتباع مسيلمة

قرآن مسيلمة وادعاؤه النبوة

خبر يا علي حربي حربك

لم يحكم علي على من حاربه بالارتداد

إن كان أهل صفين مرتدين لم يجز للحسن أن ينزل عن الخلافة

قتال الجمل وصفين قتال فتنة

لو كان حرب علي حربا للرسول لوجب أن يغلب محارب الرسول

إبليس أكفر الكفرة

يزيد ليس من الخلفاء الراشدين

مذهب أهل السنة والجماعة مع الولاة

استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم

مقتل الحسين

ما أمر به النبي من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد

قتل الحسين من أعظم الذنوب وفاعله والراضي به مستحق للعقاب

آية إلا المودة في القربى مكية

القول في لعن يزيد

ما فعله بأهل الحرة وبالكعبة

خبر قاتل الحسين في تابوت من نار

دعوى تعظيم آل محمد ومساعدة التتار

آل محمد

الفصل الثالث في إمامة علي

دعوى تنزيه المخالف والموافق عليا

حديث الكساء

آية إذا ناجيتم الرسول

حكاية افتخار طلحة والعباس وعلي

خبر وصيي ووارثي علي

حكاية حمل النبي له

خبر الصديقون ثلاثة

حديث أنت مني وأنا منك

خبر عمرو بن ميمون لعلي عشر فضائل

خبر خلق الله من نور وجه علي سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه

حديث سعد بن أبي وقاص في فضل علي

بطلان جعل النصوص الدالة على فضل الصحابة كانت قبل ردتهم لأن الله لا يحب ولا يرضى عمن يعلم أنه يموت

كافرا

خبر عامر بن واثلة

خبر لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي

خبر حب علي حسنة لا تضر معها سيئة

مثالب الصحابة

قاعدة جامعة في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأثيمهم وعدم تأثيمهم

النهي عن التفرق والتشيع

تحريم ظلم المسلمين

ما يباح من الذم

إعانة الكفار على المسلمين

الوزير ابن العلقمي

ساحل الشام سنة 699

أقوال في أبي بكر

خبر لعن المتخلف عن جيش أسامة

تولية عمرو بن العاص على أبي بكر

دعاوى خفاء الشريعة على أبي بكر

قول علي سلوني قبل أن تفقدوني

علي أعلم من أن يحكم بالتوراة والإنجيل

خبر من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه

قول ليتني كنت ترابا

حديث أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده

هل كان الكتاب بخلافة علي

لم يحد عمر المغيرة بن شعبة

التفضيل في العطاء

النفي في الخمر

قول عمر كل أحد أفقه من عمر

الاختلاف في حصة الجد

القول بالرأي

جعل عمر الأمر بعده شورى

الخلاف نوعان خلاف تضاد وخلاف تنوع

أقوال السلف وعلي في أبي بكر وعمر

نصوص الشارع كلمات جوامع وقواعد عامة ولا بد من الاجتهاد في المعينات

خطبة عائشة في أبي بكر وعمر

رأى عمر الأمر في الستة متقاربا

رد الستة الأمر إلى الثلاثة ثم الثلاثة إلى ابن عوف

قوله إنه أمر بضرب أعناقهم إن تأخروا عن البيعة

الكلام في عثمان

الحسنات يذهبن السيئات

من أسباب تكفير الذنوب

كلما تأخر العصر عن النبوة كثر التفرق والخلاف

لم يأت بعد معاوية ملك مثله

جمهور الصحابة وساداتهم تأخروا عن الفتنة

المطاعن في عثمان

غياب عثمان عن بدر وبيعة الرضوان

قوله الإمامة أول خلاف في الإسلام

الخلاف في فدك والتوارث

قتال مانعي الزكاة

إيواء عثمان ابن أبي سرح

وقع القتال بغتة يوم الجمل

ابن العلقمي وخراب العراق

أصول الإمامية الثلاثة

الرسول هو المعصوم وطاعته هي الواجبة

قوله لا بد من نصب إمام معصوم

قوله ليس بمعصوم غير علي اتفاقا

قوله يجب أن يكون الإمام منصوصا عليه

النص يزيل الفساد

تبليغ الشرع

العصمة وحفظ الشرع

آية إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون

الموالاة ضد المعاداة

آية يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك

لكل فن رجال والمرجع في النقل إلى علماء الحديث

ما قاله النبي بغدير خم

آية اليوم أكملت لكم دينكم

خبر من انقض هذا الكوكب في منزله فهو الوصي من بعدي

الاستدلال بآية إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت

خطب نهج البلاغة

الاستدلال بآية في بيوت أذن الله أن ترفع

الاستدلال بآية لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى

الرافضي لا يقدر أن يركب الحجة على الخارجي والناصبي

الاستدلال بآية ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله

الفضيلة التي حصلت لأبي بكر في الغار والهجرة انفرد بها

الاستدلال بآية المباهلة

قوله جعله نفس الرسول

تفسير فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه

خبر انتهت الدعوة إلي وإلى علي

آية سيجعل لهم الرحمن ودا

خبر أنا المنذر وعلي الهاد

خبر أنهم مسئولون عن ولاية علي

الاستدلال بآية ولتعرفنهم في لحن القول

الاستدلال بآية والسابقون السابقون

الاستدلال بآية الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة

الاستدلال بآية إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة

خبر إقرار الأنبياء بولاية لعلي

الاستدلال بآية وتعيها أذن واعية

الاستدلال بآية ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا

الاستدلال بآية والذي جاء بالصدق وصدق به

الاستدلال بآية هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين

الاستدلال بآية حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين

التناقض في جعل علي أكمل البشر قدرة وشجاعة ثم وصفه بالعجز والتقية

الاستدلال بآية فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه

خبر الصديقون ثلاثة

الاستدلال بآية الذين ينفقون أموالهم في الليل والنهار سرا وعلانية

خبر ليس في القرآن يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي رأسها وأميرها

قوله عاتب الله الصحابة وما ذكر عليا إلا بخير

الصلاة على أهل البيت

الاستدلال بآية مرج البحرين يلتقيان

الاستدلال بآية ومن عنده علم الكتاب

الاستدلال بآية يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه

الاستدلال بآية أولئك هم خير البرية

الاستدلال بآية خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا

الاستدلال بآية اتقوا الله وكونوا مع الصادقين

الاستدلال بآية واركعوا مع الراكعين

خبر أسألك أن تجعل لي وزيرا من أهلي علي بن أبي طالب أخي

خبر المؤاخاة

الاستدلال بآية وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم

الاستدلال بآية فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين

خبر من يجبني يكن أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي

خبر اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره

يوم الغدير

حديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى

قوله لم يعزله عن المدينة فيكون خليفته

قوله روى الجمهور بأجمعهم أنت أخي ووصيي وخليفتي

المؤاخاة

حديث فتح خيبر

خبر الطائر

الأتقى

خبر أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين

كانت الشيعة الأول مع فرط حبهم لعلي يقدمون أبا بكر وعمر عليه

حديث أنت مني وأنا منك

حديث كتاب الله وعترتي

خبر من أحبني وأحب هذين وأحب أباهما وأمهما

خبر من ناصب عليا الخلافة فهو كافر

علمنا بالتواتر أن المهاجرين والأنصار كانوا يحبون الله ورسوله

علم الرجال

موضوعات في فضائل علي

طرق يمكن سلوكها لمن لم تكن له معرفة بالأخبار

قوله كان أزهد الناس

قوله كان أعبد الناس

قوله كان أعلم الناس

خبر أقضاكم علي

خبر أنا مدينة العلم وعلي بابها

قول ابن حزم احتج الرافضة بأن عليا كان أكثرهم علما

قوله كل الفقهاء يرجعون إليه

قوله إن أبا حنيفة قرأ على الصادق

قوله وأما علم الكلام فهو أصله

القرامطة والإسماعيلية ينسبون قولهم إلى علي

قوله الصوفية إليه يسندون الخرقة

الفصاحة

كتاب نهج البلاغة

قول لولا علي لهلك عمر

معرفة القضايا بالإلهام

قوله كان أشجع الناس

قول ابن حزم وجدناهم يحتجون بأن عليا كان أكثر الصحابة جهادا وقتلا

قوله بسيفه ثبت قواعد الإسلام

غزوة بدر

غزوة أحد

غزوة الأحزاب

غزوة بني النضير

غزوة السلسلة

غزوة خيبر

فتح مكة

يوم حنين

الإخبار ببعض المغيبات

القعود في الفتنة

قوله كان مستجاب الدعاء

خبر محاربة علي الجن

خبر رجوع الشمس لعلي

خبر أنطق الله لي ما طهر من السمك وأصمت ما أخرسه وأنجسه

خبر ارتقاء ثعبان منبر الكوفة

الفضل بالتقوى

إمامة باقي الاثني عشر

الفصل الرابع في إمامة الاثني عشر

حديث يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي

الفصل الخامس في الرد على إبطاله خلافة أبي بكر وعمر وعثمان

قوله من تقدمه لم يكن إماما

قول أبي بكر إن لي شيطانا يعتريني

قول عمر كانت بيعة أبي بكر فلتة

الاستدلال بآية لا ينال عهدي الظالمين

أقوال عن أبي بكر

قوله لم يول أبا بكر عملا وولى عليه

قوله أنفذه لأداء سورة براءة ثم أنفذ عليا وأمره برده

قوله الإمامة متضمنة لأداء جميع الأحكام إلى الأمة

قول عمر إن محمدا لم يمت

قوله ابتدع التراويح

قوله اجتمع المسلمون على قتل عثمان

الفصل السادس في الحجج على إمامة أبي بكر

قتال بني حنيفة

ما تخلف عن بيعة الصديق سوى سعد

الإجماع

فضيلة الغار

قوله يجوز أن يستصحبه في الهجرة حذرا منه

لم يكن في المهاجرين منافق

آية قل للمخلفين

قوله هرب عدة مرار في غزواته

قوله وأما إنفاقه على الرسول فكذب

قوله كان مؤدبا

قوله لو أنفق لوجب أن ينزل فيه قرآن

قوله تقديمه في الصلاة كان من أمر عائشة

=========

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جلباب المرأة المسلمة للشيخ الألباني

  جلباب المرأة المسلمة صفحة رقم -35-  مقدمة الطبعة الأولى :   بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم : ( يا...