Translate

Translate ترجم الصفحة لاي لغة تريد

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 فبراير 2024

صفة العرش

 فى حديث عن الصحابى الجليل أبى ذر الغفارى - رضى الله عنه - قال: سألتُ النبى -صلى الله عليه وسلم- عن قوله -تعالى-: "وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا" [يس: 38]، قال: "مستقرها تحت العرش". 

والعرش لغة مأخوذ من الرفع والارتفاع، كما قال فى قوم فرعون: "وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ" وقال -تعالى-: "وَهُوَ الَّذِى أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ".
 وورد اسم العرش فى اللغة العربية بمعانى عدة منها (سرير الملك، سقف البيت، ركن الشيء، الملك، قوام أمر الرجل، عرش السماك، عرش البئر، ظاهر القدم) .

 وصف العرش:

للعرش أوصاف كثيرة وصفه بها ربُّنا فى كتابه، وكذا النبى -صلى الله عليه وسلم- ومن هذه الأوصاف:

وصفه: بأنه مجيد، قال -تعالى-: "ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ" على قراءة حمزة والكسائي.
ووصفه: بأنه عظيم، فقال -تعالى-: "رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ" [التوبة: 129].
ووصفه: بأنه كريم، فقال -تعالى-: "رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" [المؤمنون: 116].
ووصفه: بأنه يُحمَل، فقال -تعالى-: "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ" [غافر: 7].
ووصفه: بأنه يَستوى عليه - سبحانه - فقال: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" [طه: 5] استواءً يَلِيق بجلاله وعظمته، لا يشبه استواء المخلوقين، كما هو معلوم من عقيدة أهل السنة والجماعة.
ووصفه النبى -صلى الله عليه وسلم- بأن له قوائمَ؛ كما فى الحديث: "يصعق الناس، فأكون أوَّل مَن يفيق، فإذا بمُوسَى باطش - أو قال: آخذ - بقائمةٍ من قوائم العرش".
 

 

ما هو الفرق بين عرش الربّ وكرسيه

9566

تاريخ النشر : 29-07-2000

المشاهدات : 248584

السؤال


ما هو الفرق بين الكرسي والعرش ؟

الجواب

الحمد لله.

 

الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه ، والعرش أكبر من الكرسي .

والعرش هو أعظم المخلوقات ، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله ، وله قوائم ، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق .

وقد أخطأ من جعلهما شيئاً واحداً .

وهذه أدلة ما سبق مع طائفة من أقوال العلم :

عن ابن مسعود رضي الله عن قال : بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام ، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي والماء  خمسمائة عام ، والعرش فوق الماء ، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم . رواه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 105 ) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ( ص 401 ) .

والأثر : صححه ابن القيم في " اجتماع الجيوش الإسلامية " ( ص 100 ) ، والذهبي في " العلو " ( ص 64 ) .

قال الشيخ ابن عثيمين :

"هذا الحديث موقوف على ابن مسعود ، لكنه من الأشياء التي لا مجال للرأي فيها ، فيكون لها حكم الرفع ، لأن ابن مسعود لم يُعرف بالأخذ من الإسرائيليات" .

" القول المفيد شرح كتاب التوحيد " ( 3 / 379 ) .

وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مسائل هذا الحديث :

"... التاسعة : عِظَم الكرسي بالنسبة إلى السماء .

العاشرة : عظم  العرش بالنسبة إلى الكرسي .

الحادية عشرة : أن العرش غير الكرسي والماء" .

" شرح كتاب التوحيد " ( ص 667 ، 668 ) .

وعرش الرحمن هو أعظم المخلوقات ، وأوسعها .

قال تعالى : فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ   المؤمنون /   116 ، وقال تعالى وهو رب العرش العظيم التوبة / 129 ، وقال تعالى ذو العرش المجيد  البروج / 15 .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" وهو رب العرش العظيم أي : هو مالك كل شيء وخالقه ؛ لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات ، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل" .

" تفسير ابن كثير " ( 2 / 405 ) .

وقال رحمه الله :

" ذو العرش أي : صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق ، و المجيد : فيه قراءتان : الرفع على أنه صفة للرب عز وجل ، والجر على أنه صفة للعرش ، وكلاهما معنى صحيح" .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 474 ) .

والمجيد : المتسع عظيم القدر .

عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : " الناس يُصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " . رواه البخاري ( 3217 ) .

وللعرش حملة يحملونه .

قال تعالى : ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [ غافر /  7  ] .

وهم على خِلقة عظيمة .

عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُذِن لي أن أحدِّث عن ملَك من ملائكة الله من حملة العرش ، إنَّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " .

رواه أبو داود ( 4727 ) .

والحديث : قال عنه الحافظ ابن حجر : وإسناده على شرط الصحيح .

" فتح الباري " ( 8 / 665 ) .

والعرش فوق الكرسي بل فوق كل المخلوقات .

قال ابن القيم رحمه الله :

" ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها ، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات كان عالياً عليها ، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي كان عالياً " .

" الصواعق المرسلة " ( 4 / 1308 ) .

7. والعرش ليس هو المُلْك وليس هو الكرسي .

قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله :

"وأما من حرَّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك ، كيف يصنع بقوله تعالى : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية [ الحاقة / 17 ] ، وقوله وكان عرشه على الماء [ هود / 7 ] ؟ أيقول : ويحمل ملكه يومئذ ثمانية ، وكان ملكه على الماء ويكون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم المُلْك ؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول .

وأما الكرسي فقال تعالى : وسع كرسيه السموات والأرض [ البقرة / 255 ] ، وقد قيل : هو العرش ، والصحيح : أنه غيره ، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. روى ابن أبي شيبة في كتاب " صفة العرش " والحاكم في " مستدركه " وقال : إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : وسع كرسيه السموات والأرض أنه قال : " الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى " .

وقد روي مرفوعاً ، والصواب : أنه موقوف على ابن عباس ...

قال أبو ذر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما الكرسي في العرش إلا كحلْقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض " .

.. وهو كما قال غير واحدٍ من السلف : بين يدي العرش كالمرقاة إليه" انتهى .

" شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 312 ، 313 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"هناك من قال : إن العرش هو الكرسي لحديث " إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة " ، وظنوا أن الكرسي هو العرش .

وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم ، فقالوا في قوله تعالى : وسع كرسيه السموات والأرض أي : علمه .

والصواب : أن الكرسي موضع القدمين ، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه .

والعلم : صفة في العالِم يُدرك فيها المعلوم . والله أعلم" انتهى .

والله أعلم .

===========

هل يهتز عرش الرحمن لشيء من المعاصي والذنوب ؟  

 السؤال

هل ورد في السنة أن جريمة الزنا يهتز لها عرش الرحمن ؟ وهل جريمة الزنا وحدها هي التي يهتز لها عرش الرحمن ، أم جريمتا القتل واللواط أيضا ؟

الجواب  الحمد لله.

لم نجد في الكتاب والسنة ما يدل على أن عرش الرحمن يهتز لارتكاب شيء من المعاصي والذنوب ، والزنا واللواط من فواحش الذنوب وكبائرها ، ولكن لم يرد اهتزاز العرش بخصوص وقوعها ، ولا يجوز دعوى ذلك إلا بدليل شرعي صحيح وصريح .

يقول الإمام الذهبي رحمه الله:

" والعرش خلق لله مسخر ، إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله " انتهى.

" سير أعلام النبلاء " (1/297)

وانظر جواب السؤال رقم : (43498)

على أننا نبه السائل إلى أنه قد ورد في شأن هذه الفواحش ما هو أشد ، وأفزع لسامعها ، من اهتزاز العرش .

فقد روى البخاري (4634) ومسلم (2760) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ) وفي الحديث الأخر الذي رواه البخاري (5221) ومسلم (901) من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِي يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" والغيرة فيها من البغض والغضب ما يدفع به  الإنسان ما غار منه ... فالله سبحانه يبغض ذلك ، وهو سبحانه يبغض كل ما نهى عنه ، كما أنه يحب كل ما أمر به ؛ بل الغيرة مستلزمه لقوة البغض ؛ إذ كل من يغار يبغض ما غار منه ، وليس كل من يبغض شيئا يغار منه ؛ فالغيرة أحض وأقوى " انتهى . قاعدة في المحبة (200- 201) .

والله أعلم .

     مكان العرش:
قبل خلق السموات والأرض كان العرش على الماء، قال -تعالى-: "وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" [هود: 7]، وكما فى حديث عمران بن حصين المتقدِّم.
 
أما بعد خلق السموات والأرض، فالجواب عليه له جانبانِ:
الأول: مكانه بالنسبة إلى الله مع غيره من المخلوقات، فالعرش أقرب المخلوقات إلى الذات الإلهية؛ لأنه - سبحانه - مستوٍ على أعلى مخلوقاته، وأقربِه إليه، وهذه مزية امتاز بها العرش على ما سواه من المخلوقات.
 
 الثاني: مكانه بالنسبة إلى المخلوقات، فهو أعلى المخلوقات وأرفعها، وكل المخلوقات دونه، وهو سقف الجنة؛ كما جاء فى الحديث: "فإذا سألتُم الله، فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة".
 وصف حملة العرش:
أخبر ربُّنا - عز وجل - فى كتابِه أن حملة العرش يوم القيامة ثمانية، ولكن اختلف فى هؤلاء الثمانية، هل هم أملاك، أم أصناف، أم صفوف؟ وهل هم اليوم ثمانية، أم أقل؟
على أقوال لأهل العلم:
1- أن المراد ثمانية صفوف من الملائكة، وهو مروى عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والشعبي، وعكرمة، والضحَّاك، وابن جرير.
2- أن المراد ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة، وهو مروى عن ابن عباس، ومقاتل، والكلبي.
3- أن المراد ثمانية ملائكة، وهو مروى عن الربيع بن أنس.
4- أنهم اليوم أربعة، وهم يوم القيامة ثمانية، وهذا القول رجَّحه ابن كثير، وابن الجوزي، وقال: هو قول الجمهور، واستدلوا بحديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يحملُه اليوم أربعة، ويوم القيامة ثمانية".

الفرق بين العرش والكرسى
الكرسى هو موضع قدمى الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه، والعرش أكبر من الكرسى.
والعرش هو أعظم المخلوقات، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله، وله قوائم، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق.
 عن ابن مسعود رضى الله عن قال: بين السماء الدنيا والتى تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسى خمسمائة عام، وبين الكرسى والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم . رواه ابن خزيمة فى " التوحيد " والبيهقى فى " الأسماء والصفات".
=======================
فصل: فيما ورد فى صفة خلق العرش والكرسى
قال الله تعالى: "رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ" [غافر: 15] . وقال تعالى:"فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" [المؤمنون: 116]، وقال الله تعالى: "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ" [النمل: 26] .
وقال: "وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ" [البروج: 14 -15] .
وقال تعالى: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" [طه: 5] .
وقال: "ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" [الرعد: 2] . فى غير ما آية من القرآن.
 
وقال تعالى: "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا" [غافر: 7] .
وقال تعالى: "وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ" [الحاقة: 17] .
وقال تعالى: "وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِى بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" [الزمر: 75] .
وفى الدعاء المروى فى الصحيح فى دعاء الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم ".
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا يحيى بن العلاء، عن عمه شعيب بن خالد، حدثنى سماك بن حرب، عن عبد الله بن عميرة، عن الأحنف بن قيس، عن عباس بن عبد المطلب، قال: كنا جلوسا مع رسول الله ﷺ، بالبطحاء، فمرت سحابة، فقال رسول الله ﷺ: "تدرون ما هذا؟"
قال: قلنا السحاب.
قال: "والمزن".
قال: قلنا: والمزن.
قال: "والعنان"
قال: فسكتنا.
فقال: "هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ "
قال قلنا: الله ورسوله أعلم.
قال: "بينهما مسيرة خمسمائة سنة. ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة. وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة.
 
وفوق السماء السابعة بحر، بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض، ثم على ظهورهم العرش، بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله فوق ذلك، وليس يخفى عليه من أعمال بنى آدم شيء"؟
هذا لفظ الإمام أحمد، ورواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، من حديث سماك بإسناده نحوه.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وروى شريك بعض هذا الحديث عن سماك، ووقفه.
ولفظ أبى داود: "وهل تدرون بُعد ما بين السماء والأرض؟ ".
قالوا: لا ندري.
قال: "بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتين أو ثلاثة وسبعون سنة" والباقى نحوه.
وقال أبو داود: حدثنا عبد الأعلى بن حماد، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وأحمد بن سعيد الرباطي، قالوا: حدثنا وهب بن جرير.
قال أحمد: كتبناه من نسخته، وهذا لفظه، قال حدثنا أبي، قال سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن يعقوب بن عقبة، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده، قال: أتى رسول الله ﷺ أعرابي، فقال: يا رسول الله، جهدت الأنفس، وجاعت العيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك.
قال رسول الله ﷺ: "ويحك أتدرى ما تقول؟
وسبح رسول الله ﷺ، فما زال يسبح حتى عرف ذلك فى وجوه أصحابه.
ثم قال: ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك.
ويحك أتدرى ما الله؟! إن عرشه على سمواته لهكذا.
وقال: بأصابعه مثل القبة عليه، وإنه ليئط به أطيط الزحل بالراكب.
قال ابن بشار فى حديثه: "إن الله فوق عرشه، وعرشه فوق سمواته..." وساق الحديث
وقال عبد الأعلى: وابن المثنى، وابن بشار، عن يعقوب بن عقبة، وجبير بن محمد بن جبير، عن أبيه، عن جده.
قال أبو داود: والحديث بإسناد أحمد بن سعيد، وهو الصحيح، وافقه عليه جماعة منهم: يحيى بن معين، وعلى بن المديني، ورواه جماعة منهم عن ابن إسحاق، كما قال أحمد أيضا.
وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار فى نسخة واحدة فيما بلغني، تفرد بإخراجها أبو داود.
وقد صنف الحافظ أبو القاسم ابن عساكر الدمشقى جزءا فى الرد على هذا الحديث سماه: ببيان الوهم والتخليط، الواقع فى حديث الأطيط..
واستفرغ وسعه فى الطعن على محمد بن إسحاق بن بشار، راويه، وذكر كلام الناس فيه، ولكن قد روى هذا اللفظ من طريق أخرى عن غير محمد بن إسحاق.
فرواه عبد بن حميد، وابن جرير، فى (تفسيريهما)، وابن أبى عاصم، والطبراني، فى كتابى (السنة) لهما، والبزار فى (مسنده)، والحافظ الضياء المقدسى فى (مختاراته)، من طريق أبى إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال:
أتت امرأة إلى رسول الله ﷺ، فقالت: ادع الله أن يدخلنى الجنة.
قال: (فعظَّم الربَّ تبارك وتعالى).
وقال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له أطيطًا، كأطيط الزحل الجديد من ثقله ».
عبد الله بن خليفة هذا: ليس بذاك المشهور، وفى سماعه من عمر نظر، ثم منهم من يرويه موقوفًا، ومرسلا، ومنهم من يزيد فيه زيادة غريبة، والله أعلم.
 
وثبت فى (صحيح البخاري): عن رسول الله ﷺ، أنه قال" إذا سألتم الله الجنة، فسلوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، وفوقه عرش الرحمن ".
يروى (وفوقَه) بالفتح على الظرفية، وبالضم، قال: شيخنا الحافظ المزي، وهو أحسن، أى وأعلاها عرش الرحمن.
وقد جاء فى بعض الآثار: أن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش، وهو تسبيحه وتعظيمه وما ذاك إلا لقربهم منه.
وفى الصحيح أن رسول الله ﷺ، قال: " لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ ".
وذكر الحافظ ابن الحافظ: محمد بن عثمان بن أبى شيبة، فى كتاب (صفة العرش) عن بعض السلف: أن العرش مخلوق من ياقوتة حمراء، بُعد ما بين قطريه، مسيرة خمسين ألف سنة.
وذكرنا عند قوله تعالى: "تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" [المعارج: 4] أنه بعد ما بين العرش إلى الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة، واتساعه خمسون ألف سنة.
وقد ذهب طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه، محيط بالعالم من كل جهة، ولذا سموه الفلك التاسع والفلك الأطلس، والأثير.
وهذا ليس بجيد، لأنه قد ثبت فى الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة، والفلك لا يكون له قوائم ولا يحمل، وأيضًا فإنه فوق الجنة، والجنة فوق السموات، وفيها مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فالبعد الذى بينه وبين الكرسى ليس هو نسبة فلك إلى فلك.
وأيضًا فإن العرش فى اللغة عبارة عن السرير الذى للملك، كما قال تعالى: { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } [النمل: 23] وليس هو فلكًا، ولا تفهم منه العرب ذلك. والقرآن إنما نزل بلغة العرب فهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم، وهو سقف المخلوقات.
قال الله تعالى: "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 7]
وقد تقدم فى حديث الأوعال أنهم ثمانية، وفوق ظهورهن العرش، وقال تعالى: { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } [الحاقة: 17] .
وقال شهر بن حوشب: حملة العرش ثمانية: أربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك، وأربعة يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك.
فأما الحديث الذى رواه الإمام أحمد:
حدثنا عبد الله بن محمد، هو أبو بكر ابن أبى شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عقبة، عن عكرمة، عن ابن عباس:
أن رسول الله ﷺ صدَّق أمية يعنى ابن أبى الصلت فى بيتين من شعره فقال:
رجل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد
فقال رسول الله ﷺ: " صدق"
فقال:
والشمس تطلع كل آخر ليلة * حمراء مطلع لونها متورد
تأبى فلا تبدو لنا فى رسلها * إلا معذبة وإلا تجلد
فقال رسول الله ﷺ: "صدق ".
فإنه حديث صحيح الإسناد رجاله ثقات. وهو يقتضى أن حملة العرش اليوم أربعة، فيعارضه حديث الأوعال. اللهم إلا أن يقال إن إثبات هؤلاء الأربعة على هذه الصفات لا ينفى ما عداهم. والله أعلم.
ومن شعر أمية بن أبى الصلت فى العرش قوله:
مجِّدوا الله فهو للمجد أهل * ربنا فى السماء أمسى كبيرا
بالبناء العالى الذى بهر النا * س وسوى فوق السماء سريرا
شرجعًا لا يناله بصر العى * ـن ترى حوله الملائك صورا
صور: جمع، أصور: وهو المائل العنق لنظره إلى العلو. والشرجع: هو العالى المنيف.
والسرير: هو العرش فى اللغة.
ومن شعر عبد الله بن رواحة رضى الله عنه، الذى عرض به عن القراءة لامرأته حين اتهمته بجاريته:
شهدت بأن وعد الله حق * وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف * وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة كرام * ملائكة الإله مسومينا
ذكره ابن عبد البر، وغير واحد من الأئمة.
وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن حفص بن عبدالله، حدثنى أبي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن النبى ﷺ قال:
 أُذن لى أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش، أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ».
ورواه ابن أبى عاصم، ولفظه محقق الطير مسيرة سبعمائة عام.  

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جلباب المرأة المسلمة للشيخ الألباني

  جلباب المرأة المسلمة صفحة رقم -35-  مقدمة الطبعة الأولى :   بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم : ( يا...